رأي

من أجل عدالة جنائية إنسانية: تجربة القنيطرة في تطبيق السياسة الجنائية بعقلانية

من أجل عدالة جنائية إنسانية: تجربة القنيطرة في تطبيق السياسة الجنائية بعقلانية

بقلم: إدريس السدراوي

رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان

في سياق التحولات التي تعرفها منظومة العدالة بالمغرب، تبرز تجربة النيابتين العامتين بمحكمة القنيطرة – سواء على مستوى المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف – كتجربة متميزة في تفعيل مقتضيات السياسة الجنائية، وتحقيق الحكامة القضائية.

لقد تابعنا، كهيئة حقوقية، عن قرب أداء السيد حسن آيت بلا، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، والسيد عبد الرحيم الشافعي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، ورصدنا عملاً منسجمًا يتسم بالمهنية والجدية والانفتاح على قضايا المجتمع، مما يعكس وعيًا متقدمًا بضرورة تحديث أدوات الاشتغال القضائي، والانتقال من منطق الزجر الأعمى إلى منطق العقلانية والنجاعة.

وتتجلى هذه الدينامية في:

العمل المتواصل على ترشيد الاعتقال الاحتياطي، عبر تفعيل بدائل المتابعة في حالة سراح متى توفرت الضمانات، وإعطاء الأولوية للملفات ذات الطابع الخطير، وهو ما ساهم بشكل ملموس في تقليص نسب الاكتظاظ داخل السجون.

تنظيم ندوات علمية حول العقوبات البديلة، بمشاركة فاعلين قانونيين ومجتمع مدني، من أجل الدفع نحو تشريعات أكثر عدالة وفعالية، وخاصة في ما يتعلق ببدائل العقوبات السالبة للحرية.

تعزيز آليات التنسيق بين النيابتين العامتين، بشكل يعكس وحدة الرؤية وتكامل المهام، بما يضمن حماية حقوق المتقاضين واحترام الضمانات القانونية.

كما أن انخراط المسؤولَين القضائيين – آيت بلا والشافعي – في دينامية الانفتاح على المجتمع المدني، وحرصهما على تعزيز الشفافية داخل مرفق العدالة، يكرّس صورة جديدة للنيابة العامة، باعتبارها سلطة مواطِنة، قريبة من المواطن، ومسؤولة في قراراتها وتوجهاتها.

إننا، في الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، نثمّن هذا النهج وندعو إلى دعمه وتوسيعه ليشمل باقي الدوائر القضائية، باعتباره خيارًا استراتيجيًا لبناء عدالة أكثر إنصافًا وإنسانية، قادرة على صون الحقوق، وتحقيق الأمن القانوني، وتعزيز الثقة في المؤسسات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى