رأي

مخابرات العشرية تعود للواجهة… الجزائر تدفع الساحل إلى الإنفجار

مخابرات العشرية تعود للواجهة… الجزائر تدفع الساحل إلى الإنفجار

بقلم ✍️ القاسمي

لا شك أن ما يحدث اليوم على حدود الجزائر الجنوبية مع مالي ليس مجرد توتر عابر، بل مؤشر على تحولات خطيرة قد تعيد رسم خريطة الساحل الإفريقي لعقود قادمة.

إعلان الجزائر حالة الطوارئ في ولاياتها الجنوبية لم يكن وليد لحظة، بل نتيجة تراكمات أمنية وجيوسياسية معقّدة.

فالوضع في مالي بات ينذر بانفجار كبير منذ أن قررت حكومة باماكو طرد القوات الفرنسية وفتح الأبواب أمام مرتزقة “فاغنر” الروس الذين باتوا يتحكمون في القرار العسكري هناك.

في المقابل، الحركات الأزوادية التي وقعت اتفاق الجزائر للسلام في 2015 تجد نفسها اليوم مطاردة ومهمشة ومهددة بالإبادة، بدعم روسي معلن.

وهنا يصبح من الطبيعي أن تتحرك الجزائر لحماية ما تسميه أمنها القومي وامتدادها الاجتماعي في شمال مالي.

غير أن المتابع لتاريخ الجزائر السياسي والأمني، يدرك أن النظام المخابراتي العسكري الجزائري يمتلك سوابق خطيرة في إدارة وصناعة الإرهاب.

فمنذ العشرية السوداء في التسعينات، وجهاز المخابرات متهم محليًا ودوليًا بتغذية جماعات مسلّحة، واستخدام ورقة الإرهاب كوسيلة للتحكم الداخلي وابتزاز الأطراف الخارجية.

وهي تجارب تركت جراحًا مفتوحة في ذاكرة الجزائريين، وأثارت شكوكا حول النوايا الحقيقية من أي تحرك عسكري أو أمني خارج الحدود.

في تسريبات حصرية تداولها الإعلام الجزائري، قال مسؤول عسكري بارز:

“لن نسمح بسقوط شمال مالي في يد المرتزقة والمتطرفين… أمننا القومي خط أحمر، وكل الخيارات متاحة.”

هذا التصريح يكشف حجم الخطر الذي تشعر به الجزائر، ويدفع للتساؤل:

هل نحن أمام مواجهة مفتوحة؟ أم أن النظام العسكري الجزائري يحاول كعادته الاستثمار في الأزمات الحدودية لتبرير سيطرته داخليًا وإعادة إنتاج أدواره الإقليمية؟

في تقديري، الجزائر تدرك أن ترك المجال لفاغنر وجيش مالي سيحوّل جنوبها إلى خاصرة رخوة تهدد أمنها لعقود.

كما تدرك أن الحركات الأزوادية ليست مجرد مليشيات، بل مكوّن اجتماعي أصيل متداخل مع القبائل الجزائرية في تمنراست وإليزي وأدرار.

الخلاصة: الجزائر لم تعلن الحرب بعد… لكنها تستعد لكل السيناريوهات.

وإذا استمرت حكومة باماكو في التصعيد، فستجد نفسها في مواجهة ليس فقط مع الأزواد، بل مع نظام أمني مخابراتي محترف في استخدام الورقة الأمنية، سواء عبر القوة المباشرة… أو عبر الأبواب الخلفية لصناعة الإرهاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى