الجيل Z لا يطلب المستحيل: مطالب عادلة في زمن اللامعقول

الجيل Z لا يطلب المستحيل: مطالب عادلة في زمن اللامعقول
تحرير ومتابعة/ سيداتي بيدا
في زمن تتداخل فيه الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يبرز صوت جديد، ثابت ومصمم، قادم من جيل وُصف كثيرًا بأنه “متمرد”، “غير واقعي”، أو “يطالب بما لا يمكن تحقيقه”. لكن الحقيقة التي يصعب تجاهلها هي أن الجيل Z لا يطلب المستحيل. بل إن كل ما يطالب به يُعتبر بديهيًا في كثير من الدول التي اختارت أن تبني مستقبلها على أسس العدالة والكرامة الإنسانية.
هذا الجيل لا يطمح إلى القصور ولا إلى الرفاهية المفرطة. ما يريده بسيط، واضح، وإنساني:
المفارقة المؤلمة التي يراها هذا الجيل هي أن الملايين تُصرف على البنية التحتية الترفيهية، بينما تنهار الأنظمة الصحية أو تُترك لمصيرها في ظل الإهمال والفساد. لماذا تُبنى الملاعب بمعايير عالمية، بينما يضطر المواطن إلى السفر أو الاقتراض للعلاج في الخارج؟
التعليم، الذي يُفترض أن يكون وسيلة للصعود الاجتماعي، أصبح عبئًا على كثير من الأسر. جيل اليوم يرفض أن تُصبح جودة التعليم مرتبطة بالقدرة المالية، ويؤمن أن الفرص يجب أن تُمنح على أساس الكفاءة لا المحسوبية أو الامتياز الطبقي.
في مجتمعات تتسع فيها الفجوة بين الأغنياء والفقراء، يرى الجيل الجديد أن العدالة الاجتماعية لم تعد رفاهية فكرية، بل ضرورة أخلاقية لضمان الاستقرار. لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية بينما يعيش جزء من الشعب في رفاهية مفرطة، وآخر في هامش البقاء.
لم يعد مقبولًا، في نظر هذا الجيل، أن ينجو الفاسدون أو المسيؤون من العقاب بسبب أسمائهم أو مناصبهم. فـ”العدالة الحقيقية لا تعترف بالألقاب”، وهذا المبدأ يجب أن يتحول من شعار إلى واقع.
في عالم يتقدم بسرعة بفعل التكنولوجيا والابتكار، يطالب الجيل Z بأن يُعاد ترتيب الأولويات. بدلًا من ضخ مليارات في صفقات السلاح، لماذا لا يُستثمر جزء منها في البحث العلمي، في التعليم، في التكنولوجيا؟ فهذه هي الأسلحة الحقيقية للمستقبل.
هذا الجيل، الموصوف بالرقمي والعالمي، لديه وعي غير مسبوق بما يجري في العالم. يرى كيف تُدار الدول، كيف تُبنى المؤسسات، وكيف تُمارس الديموقراطيات الحقيقية. وهو لا يطلب نسخًا مثالية من تلك التجارب، بل أن تُطبق أبسط قواعد الحكم الرشيد: الشفافية، المحاسبة، المساواة، وتكافؤ الفرص.
قد لا يحمل الجيل Z نفس أدوات النضال الكلاسيكية، لكنه يحمل وعيًا جديدًا، لا يمكن تجاهله. صوت هذا الجيل هو صوت المستقبل.