رأي

الكتابة: بين الفكرة والروح

بقلم الشيخ عثمان

الكتابة: بين الفكرة والروح

الكتابة ليست مجرد كلمات نخطها على الورق، بل هي روح تسكن ما بين السطور. كما قال نجيب محفوظ: “الكتابة هي الحياة؛ الكلمة هي اللحظة التي توقف فيها الزمن”. الكتابة هي الصمت الذي يملأ الفراغات، وهي المسافة الغامضة بين الفكرة وتجسدها، بين الكاتب والقارئ. إنها ما يبقى بعد أن تزول الحروف، همس يتردد في ذهن القارئ ونور خفي يضيء ظلمات الفكر. وكما قال مالك بن نبي: “الفكرة التي لا تُجسد في عمل هي محض خيال”.

خطورة الكلمة الخاطئة

الكلمة الخاطئة، يا صديقي، قد تهدم ما لا يمكن بناؤه من جديد. فالكلمة سلاح ذو حدين، كما قال ابن القيم: “الكلمة قد تكون هدايةً ترفع صاحبها في أعلى عليين، أو ضلالةً تهوي به في أسفل سافلين”. وفي عالم مضطرب، إعادة تدوير النفايات السياسية ليست حلاً، بل جريمة بحق الوطن والمواطن. وكما قال الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو: “الفساد السياسي هو استدامة للأخطاء القديمة”، فالأفكار البالية لا يمكن تجديدها، بل يجب دفنها لإفساح المجال لأفكار جديدة قادرة على الإنقاذ. وبينما يتمسك بعض السياسيين بمواقعهم لعقود، يظل الوطن محرومًا من جامعة تواكب العصر أو مصنع يرفع راية الفخر.

المثقفون والإعلام: تناقض صارخ

بلد يزخر بالمثقفين والعلماء والمفكرين، ورغم ذلك، تصر وسائل الإعلام على تسليط الضوء على فئة من الفاشنيستات والمُحسوبات على الفن. وكما قال المفكر الجزائري مالك بن نبي: “إذا غابت الفكرة برز الصنم”. هذا التوجه يعكس أزمة فكرية عميقة في المجتمع العربي، حيث يُقصى العقلاء والمبدعون، بينما يتم تلميع صور التفاهة. هنا، يعود بنا الكاتب إلى تساؤل الفيلسوف الألماني نيتشه: “هل يمكن للأمة أن تنهض في ظل قيادة التفاهة؟”.

حال الأمة: بين الوهن والضياع

أمة يقودها الفنانون والفاشنيستات والتافهون هي أمة ضعيفة وخائبة، لا تملك من أدوات النهضة شيئًا. وقد حذر الفيلسوف ابن خلدون من هذا الوضع حين قال: “إذا رأيت الناس يكثرون الكلام المضحك وقت الكوارث فاعلم أن الفقر قد أقبع عليهم”. وبينما تنهشنا أطماع الأعداء شبرًا شبر، نجد أنفسنا بعيدين كل البعد عن النهضة الفكرية الحقيقية، حيث يُسيطر على المشهد السياسي والعسكري والعلمي أفراد لا يعرفون سوى تكرار الأخطاء، في حين تبقى أمتنا غارقة في التفاهات. كما قال الإمام الشافعي: “نفسك إن لم تشغلها بالحق، شغلتك بالباطل”.

الحرية: بين الخيال والواقع

وفي النهاية، يا رفاق دربي، الخيال جسر نبنيه لعبور المستحيل، أما الوهم فهو سراب نخدع به أنفسنا لنعيش في المستحيل. وكما قال الفيلسوف جون لوك: “الحرية ليست مجرد خيال، بل هي فعل حقيقي يصنع الواقع”. تذكروا أن الحرية ليست مجرد حلم نحيا به، بل هي قرار يُصنع على أرض الواقع. السجين الذي يختار الخبز على المفتاح لا يبحث عن الحرية، بل عن البقاء. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟”. الفرق بين البقاء والحرية هو الشجاعة: أن تجوع من أجل كسر القيد، أو أن تكتفي بالشبع داخل قفص. وكما قال أفلاطون: “الحرية ثمنها الجوع، لكن البقاء بلا حرية هو موت بطيء”.

الختام

في الختام، أتمنى للجميع التوفيق، وتذكروا أن الحرية الحقيقية لا تكمن في الشعارات، بل في الفعل والعمل. وكما قال جبران خليل جبران: “أنت حر عندما تكون أفكارك من صنعك، وحين تكون أفعالك تعبيرًا صادقًا عن أفكارك”. الحرية هي الشجاعة لتحمل المسؤولية وصنع القرار، والتغيير يبدأ من الشجاعة لمواجهة الواقع وتحقيق الأفضل.

زر الذهاب إلى الأعلى