جماعة لقصير بإقليم الحاجب: تهميش ومعاناة صامتة في سنة 2025

جماعة لقصير بإقليم الحاجب: تهميش ومعاناة صامتة في سنة 2025
في زمن يتحدث فيه الجميع عن العدالة المجالية وفك العزلة عن العالم القروي، تظل جماعة لقصير، التابعة لإقليم الحاجب، نموذجًا صارخًا لما يمكن أن نسميه بـ”التنمية الانتقائية”. فهذه الجماعة، التي تضم العديد من الدواوير وتعد آلاف المواطنين، تبدو اليوم وكأنها خارج خارطة الاهتمام، تغرق في صمتها المزمن، بينما تتفاقم معاناة سكانها يومًا بعد يوم.
طرقات مهترئة.. وعزلة قاسية
أول ما يواجه الزائر لجماعة لقصير هو تدهور البنية التحتية الطرقية، إذ لا طريق رئيسية أو فرعية يمكن أن توصف بالصالحة للسير، فالمسالك بين الدواوير مهترئة، محفرة، تتحول في فصل الشتاء إلى برك من الوحل، تعرقل تنقل السكان وتحول دون وصول سيارات الإسعاف أو نقل التلاميذ. بعض المناطق تكاد تكون معزولة تماماً عن العالم الخارجي، ما يشكل خطراً كبيراً على الساكنة، خاصة في الحالات الصحية المستعجلة.
بنية تحتية غائبة.. وخدمات عمومية شبه منعدمة
تغيب عن الجماعة البنيات الصحية والتعليمية والخدماتية الأساسية. المستوصفات التي تفتقر للتجهيزات والموارد البشرية، والمدارس والأساتذة الذين يعانون من الطرقات ومسالكها ، أما الفضاءات الشبابية والثقافية، فهي غير موجودة نهائياً، ما يدفع شباب الجماعة إلى الهجرة نحو المدن المجاورة أو السقوط في فخ البطالة والتهميش.
المرأة القروية خارج معادلة التنمية
تعاني النساء القرويات في لقصير من تهميش مضاعف، إذ يفتقرن لأي برامج دعم أو تأهيل تدمجهن في مشاريع مدرة للدخل أو تمنحهن الاستقلال الاقتصادي. لا جمعيات تنموية فعالة، ولا دعم للأنشطة الفلاحية النسوية، ولا حتى فضاءات للتكوين المهني أو التثقيف الأسري. المرأة هنا مجرد عنصر منسي، تكابد بصمت من أجل البقاء.
البناء العشوائي.. واقع يفرض نفسه
في ظل غياب التخطيط العمراني والمراقبة، انتشر البناء العشوائي بشكل مقلق في مختلف أنحاء الجماعة. هذه الظاهرة ليست فقط نتيجة الحاجة، بل أيضاً نتيجة غياب تدخلات حقيقية من الجهات . مما يشوه النسيج العمراني، ويؤثر على البيئة والسلامة، ويصعب لاحقًا إدماج هذه المناطق في أي تصور تنموي.
مطرح النفايات.. قنبلة بيئية على قارعة الطريق
أحد أخطر ما تعانيه الجماعة هو المطرح العشوائي للنفايات، الواقع على الطريق الوطنية الرابطة بين لقصير وأيت ولال. هذا المطرح لا يحترم أي من شروط السلامة أو المعايير البيئية، ويشكل خطراً يومياً على المارة، سواء بسبب انبعاث الغازات السامة، أو انتشار الحشرات والروائح الكريهة، أو حتى الحوادث المرورية الناتجة عن الدخان الصاعد و ضيق الرؤية ومخلفات المطرح على الطريق.
صوت الساكنة.. هل من مجيب؟
ساكنة جماعة لقصير لا تطلب المستحيل. هي فقط تطالب بحقها في العيش الكريم، في الخدمات الأساسية، في أن تكون جزءًا من هذا الوطن الذي يعِد الجميع بالتنمية والإنصاف. فهل سيتحرك المسؤولون؟ هل ستصل هذه الصرخة المدوية إلى آذان تنصت وتعقل؟
الكرة اليوم في ملعب السلطات المحلية، الجهوية، والمركزية. لأن ما تعيشه لقصير ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة لسلسلة من السياسات الغائبة التي يمكن، بتضافر الجهود والإرادة الحقيقية، تغييرها .