مجتمع

شباب التوصيل السريع بالمغرب… “جيلي صفر” يخفي معاناة لا تُرى

شباب التوصيل السريع بالمغرب… “جيلي صفر” يخفي معاناة لا تُرى

بقلم: خالد البوشيخي

وسط صخب المدن المغربية، وتحت حرارة الشمس أو برد الشتاء، يتحرك شباب في مقتبل العمر على متن دراجاتهم النارية، حاملين وجبات سريعة إلى زبناء لا يعرفون شيئاً عن التحديات التي يخوضها هؤلاء كل يوم. هم شباب مغاربة، فيهم حامل الشهادات العليا، وفيهم المثقف والمتخرج من الجامعة، وجدوا في “التوصيل السريع” آخر فرصة للهروب من البطالة أو التسول أو الانزلاق في مسارات يرفضونها أخلاقياً وإنسانياً.

هؤلاء لا يلبسون بدلة عمل، بل يلبسون الكرامة والمقاومة. يمسكون بمقود الدراجة بيد، ويحملون في الأخرى أحلامهم المؤجلة. أغلبهم يشتغلون دون عقود، لا حماية اجتماعية، لا تأمين ضد الحوادث، ولا حتى ضمان للحد الأدنى من الكرامة المهنية.

بين السرعة والحياة…

خلف الأرقام التي تحققها الشركات الكبرى في مجال توصيل الأطعمة، هناك واقع مرير. فقد سجلت عدة مدن مغربية حوادث سير مميتة أو مروعة راح ضحيتها شباب من سائقي التوصيل. كثير منهم أصيبوا بإعاقات دائمة، وبعضهم فارق الحياة وهم يركضون لإيصال وجبة ساخنة، في مقابل أجر زهيد لا يتعدى في كثير من الأحيان 20 أو 25 درهماً في الساعة، دون أي تعويض عن الخطر أو تأمين صحي.

“نخدم باش نشري دوا لمِّي، وما نرضاش نكون عالة على حد”، يقول شاب من مدينة مكناس، يعمل في إحدى تطبيقات التوصيل، مضيفاً: “نهار طحت من الموطور، الشركة قالت ليا: دبر راسك، حنا غير وسيط.”

من يحمي هؤلاء؟

في ظل غياب تأطير قانوني واضح يحكم العلاقة بين شباب التوصيل والشركات الوسيطة أو التطبيقات الرقمية، يظل هؤلاء عرضة للاستغلال وللمجهول. فهل يُعقل أن نعتبرهم “مستقلين” وهم ملزمون بتطبيق شروط صارمة؟ وهل من المعقول أن يشتغلوا 10 ساعات أو أكثر يومياً دون أي تغطية اجتماعية؟

المطلوب…

تنظيم هذا القطاع بقانون يضمن الحد الأدنى من الحقوق.

إلزام الشركات بالتأمين والتغطية الصحية للعاملين.

فرض عقود عمل واضحة ومحفوظة الحقوق.

رقابة صارمة على ظروف العمل والتعويضات.

هؤلاء الشباب ليسوا فقط عمال توصيل، إنهم جزء من نسيج هذا الوطن، ضحايا لواقع اجتماعي واقتصادي معقد، ومثال حي على شباب قرر الكفاح بدل الاستسلام.

فهل من آذان صاغية؟ وهل ننتظر المزيد من الضحايا لنفهم أن ما خلف “الجيلي الأصفر”… أرواح بشرية تستحق الإنصاف؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى